آثار فيروس كورونا على عقود الفيديك

تعتبر عقود الفيديك هي أهم العقود الهندسية وأكثرها فعالة وانتشاراً لأنها عقود متزنة تحدد مسئولية الأطراف بشكل واضح ودقيق وعادل بالاضافة الى الشروط الدولية لأعمال البناء والهندسة والتي يجب على كل المقاولين الدراية بهذه الشروط ومنها حالات تنفيذ العقد وفسخه وانهائه والشروط الواجب اتباعها في كل حالة منها وشمل عقد الفيديك على عدة تحديثات واصدارات ساعدت على اثراء متطلبات الاطراف المعنية بمجال ادارة العقود وهي :
- عقد فيديك الذي يشمل على شروط البناء وأطلق عليه ما يسمى بالكتاب الأحمر
- عقد فيديك الذي يشمل على شروط وأسس البناء والتصميم وأطلق عليه الكتاب الأصفر
- عقد فيديك خاص بشروط عقود المشاريع الجاهزة واطلق على مسمى الكتاب الفضي
- عقد فيديك الخاص بالعقود القصيرة واطلق عليها مسمى الكتاب الأخضر
وعقد الفيديك شأنه شأن كل العقود يخضع طرفيه لإلتزامات قد يحدث حدث عارض يحول دون تنفيذ هذه الالتزامات مثل جائحة فيروس كورونا –كوفيد 19 التي اصابت معظم دول العالم فهل يعتبر هذه الجائحة قوة قاهرة في مجال عقود الفيديك وما الاثر المترتب عليها بالنسبة لكل من أطراف العقد ؟
بداية القوة القاهرة عرفتها المادة 19 /1 النموذج الصادر في 1999 بأنها حدث استثنائي خارج عن ارادة الاطراف ولا يستطيع أحد الأطراف تفاديها ويجب ان تتوافر فيه أربعة شروط :
- أن تكون الاحداث الاستثنائية خارجة عن نطاق سيطرة طرف من الاطراف .
- ألا يكون الاطراف على علم به قبل إبرام العقد.
- أن يكون الحدث قد قام بعد عدم استطاعة الاطراف تجنبه أو تجاوزه.
- ألا يكون قد تسبب فيه طرف من اطراف العقد .
ويجب أن تتوافر هذه الشروط مجتمعة حتى يتسنى وصف الحدث بالقوة القاهرة , فالقوة القاهرة التي كان منصوص عليها في نموذج 99 في البند 5/8 بنص صريح على اعتبار –الوباء- قوة قاهرة تؤثرعلى تنفيذ الالتزامات والتي يمكن الاستفادة منه لتمديد وقت تنفيذ الالتزام لم تعد موجودة بالتعديل الاخير الوارد في عام 2017 حيث استبدل مصطلح القوة القاهرة بـ (الأحداث الإستثنائية)
والتعديل الاخير 2017 لم يكتفي بتوافر هذه الشروط حتى يمكن ان يطلق على الحدث الجديد حدث استثنائي ووضع ستة حالات يمكن ان يطلق عليها أحداث استثنائية :
- الحرب والاعمال العدائية سواء اعلنت الحرب أم لم تعلن و الغزو وفعل الاعداء الاجانب
- التمرد الإرهاب والثورة والعصيان و القوة العسكرية والاستيلاء بالقوة والحرب الاهلية
- الشغب والاضطرابات والاخلال بالنظام العام والاضراب والحصار .
- الاضراب والاغلاق ولا يشمل فقط اشخاص المقاول او موظفي المقاول من الباطن .
- ذخائر الحرب والمواد المتفجرة والتأين الاشعاعي والتلوث الناتج عن النشاط الاشعاعي باستثناء ما يعزى الي استخدام المقاول لهذه الزخائر أو المتفجرات أو الاشعاعات أوالنشاط الإشعاعي .
- الكوارث الطبيعية مثل الزلازل أو تسونامي أو نشاط بركاني أو اعصار.
ونجد هنا في البند السادس استحدث التعديل أحداث استثنائية لم تكن موجودة في نموذج 99 لاستحداثها بعد ذلك التاريخ وهي (تسونامي) والجدير بالذكر ان التعديل لم يقتصر على الأحداث الاستثنائية ( القوة القاهرة ) على حالات معينة على سبيل الحصر بل ترك الباب مفتوحا لأي حالة إستثنائية ينطبق عليها تلك الشروط باعتبارها قوة قاهرة.
وجدير بالذكر أن نموذج 99 ذكر كلمة وباء ( epidemic) باعتباره قوة قاهرة إلا أن منظمة الصحة العالمية في 11 مارس الماضي اعتبرت فيروس كورونا جائحة (pandemic) وهو لفظ أعم وأشمل ولا يقتصر على نطاق محدد بل امتد ليشمل كل دول العالم وتاثرها به وتأثر حركة البضائع والتجارة على مستوى العالم وبالتالي يمكن الاستفادة منه باعتباره أحد الأحداث الاستثنائية (القوة القاهرة) التي نصت عليها عقود العمل الهندسة المدنية او ما يعرف بالكتاب الأحمر 2017 .
ومن هنا يعتبر فيروس كورونا – كوفيد 19 قوة قاهرة تؤثر على الالتزامات التي تم التعاقد عليها وفقاً لعقود الفيديك تلك العقود التي انفردت بنماذج ونصوص تٌعالج حالة القوة القاهرة التي تنشأ حال تنفيذ العقد وأثرها على كل من أطراف العقد ومقاولي الباطن :
لكن ما الإجراءات التي يجب ان تتبعها كمقاول او رب عمل حال عدم القدرة على تنفيذ الالتزامات التعاقدية وفقا لعقود الفيديك حال حدوث القوة القاهرة:
أولا : الاخطار بتحقق القوة القاهرة
ان لم يستطع أحد أطراف العقد القيام بتنفيذ التزاماته التعاقدية وأخل بإلتزامه نتيجة القوة القاهرة يجب عليه اخطار الطرف الأخر بالحدث ( القوة القاهرة) وبالإلتزامات التي حال هذا الحدث دون تنفيذها خلال 14 يوماً من تاريخ العلم أو من تاريخ وجوب العلم بهذا الحدث أو الظرف المكون للقوة القاهرة وفقا للمادة 19/2 وعليه يكون هذا الطرف غير مسؤول ومعفي من تنفيذ إلتزامه التعاقدي ما دام الأثر المانع للقوة القاهرة قائماً .
ثانيا : الحد من التأخر في تنفيذ الالتزامات
وفقاً للمادة 19/3 على كل طرف استخدام مسعى معقول للتقليل من التأخير في تنفيذ إلتزامه أو الاداء المحدد وتمديد مدة تنفيذ الالتزام من أجل الحد من التأخير في تنفيذ الالتزام الناتج عن القوة القاهرة .
آثار القوة القاهرة لكل من طرفي العقد :
اذا كان تنفيذ الاعمال سيتأخر فسيتم مد وقت تنفيذ هذه الاعمال اذا تكبد المقاول مبالغ اضافية فمن حقه تمديد الوقت والتعويض عن التكاليف الاضافية الناتجة عن هذا الحدث .
أثر القوة القاهرة على مقاولي الباطن :
يجوز الاتفاق بين المقاول الرئيسي ومقاولي الباطن على شروط اضافية أو شروط أوسع للإعفاء من القوة القاهرة إلا أن صاحب العمل لا يتحمل تبعة هذه الإتفاقات مع مقاولي الباطن ولا تعفي المقاول الرئيسي من مسئوليته أمام صاحب العمل في حال عدم أدائه لإلتزاماته.
انهاء العقد نتيجة للقوة القاهرة وفقا لنوذج الكتاب الأحمر99 :
الإنهاء الإختياري:
إذا تم ايقاف تنفيذ العمل لمدة 84 يوماً متواصلة أو 140 يوماً متفرقة يتم تخطار الطرف المتضرر للطرف الاخر بانهاء العقد ويتم الانهاء خلال 7 أيام من تقديد الاخطار وعلى المقاول الامتثال للبند 3/16 من العقد .
وفي حال الانهاء يجب ان يقوم المهندس باحتساب المبالغ والعمال وتكلفة المواد وأي مبالغ أخرى يتكبدها المقاول لتنفيذ الاعمال المؤقته ومعدات المقاولة وتكاليف العمالة .
طرق تسوية النزاع في عقود اعمال الهندسة المدنية 99 :
- الطرق الودية من خلال (المفاوضات) و(الوساطة) .
- عن طريق (مجلس تسوية المنازعات) يبرز هنا دور المهندس في حل المنازعات وعلى الاخير أن يخطر الطرفين بقراره خلال 84 يوماً من تاريخ طلب بتدخله لحل النزاع ويقوم مجلس فض المنازعات بنفس الاجراءات خلال نفس المدة فإن اعترض احد الاطراف على قرار المهندس وأبدى رغبته في عرض النزاع على التحكيم عليه ابداء ذلك خلال 70 يوماً من تاريخ اخطاره بالقرار وإلا أصبح قراره نهائيا وملزماً وبعد ذلك يتم الاجوء الي (التحكيم) أو (النزاع القضائي) حسب ما هو وارد بنص الاتفاق في العقد
أثر توافر شرط القوة القاهرة جائحة فيروس كورونا على عقود الفيديك
تنص المادة 19/7على الاعفاء من مسئولية التنفيذ ودون الاخلال بأي حكم آخر في المادة 19 ، اذا نشأ أي حادث أو ظرف خارج عن سيطرة الطرفين وجل امتثال أحد الطرفين أو كليهما بإلتزاماته التعاقدية مستحيلاً أو مخالفاً للقانون أو يؤدي بمقتضي القانون الذي يحكم العقد إلى اعفاء الطرفين من الاستمرار في تنفيذ العقد عندئذ وبعد إخطار من أي الطرفين إلى الطرف الآخر بهذا الحدث أو الظرف يعفى الطرفين من مواصلة التنفيذ وذلك دون الاخلال بحقوق اي منهما بخصوص إخلال سابق بالعقد .